Friday, March 9, 2007

وسيبقى نبي جبران




جبران خليل جبران اعرف أن الكثيرين يسمعون عنه و لكن لا يعرفونه، مع إنه واحد عصره، وسيبقى فكره و سيرته في ذاكرة الإنسانيه،و سيظل كتابه النبي الذي صدر في بدايات القرن الماضي جزاءا من التراث العالمي، فلقد ترجم الكتاب الى أكثر من عشرين لغه و صدر منه مئات الطبعات حول العالم و حتى اليوم مازالت أقلمه النقاد تتناوله بالمديح و الثناء.في ذلك الكتاب وضع جبران خلاصه تجاربه و عواطفه و أماله و أحلامه وأراءه و صوفيته و فلسفته و نظراته على لسان النبي المصطفى الذي أتى بدعوته إلى مدينة أورفاليس و ظل اثنتى عشرة سنه فيها حتى حان موعد الرحيل الى الجزيرة التى شهدت مولده. فتجمع حوله الشيوخ و الرجال و الكهنه و الكاهنات يتوسلون إليه ألا يفارقهم و طلبوا منه أن يكشف لهم عن خبايا نفوسهم و أن يطلعهم بما أوتي من علم علي ما يقوم بين الحياة و الممات، حتى يتزودوا به و يزودوه لأبنائهم من بعدهم. فيحدثهم جبران على لسان نبيه المصطفى عن رؤيته الخاصه في المفردات الأساسيه في حياتنا كبشر و لعمري انها منبع لإستنباط الحكمه و إليكم بعض مما قال جبران في بعض تلك المفردات


وانبرت ألمطرا و قالت له حدثنا عن
الحب

إذا اؤما الحب إليكم اتبعوه، و إن كان وعر كثير المزالق وإذا بسط عليكم جناحيه فأسلموا له القياد، و إن جرحكم سيفه المستور بين قوادمه وإذا حدثكم فصدقوه وإن كان لصوته أن يعصف بأحلامكم كما تعصف ريح الشمال بالبستان. إن الحب إذ يكلٌل هاماتكم، فكذلك يشدكم على الصليب و هو كما يشد عودكم يشذب منكم الأغصان
و إذا أحببت فلا تقل "لقد وسع قلبي الله" و لكن قل "و سعني قلب الله" والحب لا يعطي إلا ذاته، و لا يأخذ إلا من ذاته. و الحب لا يملك و لا يملكه أحد، فالحب حسبه أنه الحب
و استأنفت ألمطرا حديثها و ما قولك أيها المعلم في
الزواج

فأجاب قائلا
لقد و لدتما معا و معا تظلان إلى الأبد، ليحب أحدكم الأخر و لكن لا تجعلا من الحب قيدا و ليملأ أحدكما كأس الأخر و لكن حذار أن تشربا من نفس الكأس، فإن أوتار القيثارة مشدوده على افتراق و إن خفقت جميعها بلحن واحد، ولتنهضا متكافلين و لكن دون أن تلتصقا، فإن أعمده المعبد على إنفصال تقوم و السنديان و السرو لا ينمو بعضهما في ظل بع

و قالت إمرأة تضم رضيعها الى صدرها حدثنا عن
الأطفال
فقال المصطفى: إن أطفالكم ما هم بأطفالكم، فلقد و لدها شوق الحياه الى ذاتها و بكم يخرجون الى الحياة و ليس منكم. قد تمنحوهم حبكم و لكن دون أفكاركم فلهم أفكارهم و لقد تئؤون أجسادهم و لكن لا أرواحهم فأرواحهم تسكن في دار الغد، و هيهات أن تلموا به و لو خطرت في أحلامهم و في وسعكم السعي لتكونوا مثلهم، و لكن لا تحاولوا أن تجعلوهم مثلك

و هنا قال رجل ثري حدثنا عن
العطاء

إنك تعطي القليل حين تعطي مما تملك، فإذا أعطيت أعطيت من ذاتك حقا و هل ما تملك سوى أشياء ترعاها و تحرسها خشيه أن تحتاج إليها في غدك؟ و هل الخوف من الحاجه إلا الحاجه نفسها؟ بعض الناس يعطى القليل و مما عنده كثير و أولئك يعطون تباهيا بالعطاء فتذهب نياتهم المستوره بطيبات عطاياهم و بعضهم يملك القليل و يجود به كله و أولئك هم المؤمنون بالحياة و ما فيها من خير فلا تفرغ خزانتهم أبدا
و بعضهم يعطي فرحا و فرحته جزاؤه
و بعضهم يعطي مابدا و في مكابدته تطهير له
و بعضهم يعطي و لا يحس مكابده ولا يلتمس فرحا و لايدري أن العطاء فضيله وعلى فيض أمثال هؤلاء تتجلى كلمة الله و من خلال عيونهم تشرق بسماته على الأرض


و هناك قالت إمرأة حدثنا عن
الفرح والحزن

إنما فرحكم حزنكم و قد رفع عن وجهه القناع، و ما أكثر ما تمتلىء البئر التى تستقون بها بفيض دموعكم و كيف يكون الأمر غير ذلك؟ فعلى قدر ما يغوص الحزن في أعماقكم يزيد ما تستوعبون من فرح
أليست الكأس التي تحمل خمركم هي هي الكأس التي احترقت في اتون الفخارى؟
وأليست القيثارة التي تسكن إليها نفوسكم هي هي قطعه الخشب التي حفرتها السكين؟
و يقول الناس "الفرح اسمى من الحزن" و يقول أخرون "الحزن أسمى" و لكني أقول لك أنهم لا ينفصلان
و هنالك تقدم إليه ناسك كان يزور المدينة مرة في كل عام و قال: حدثنا عن

المتعه
فقال المصطفى: المتعة أنشودة الحريه
و لكنها ليست الحريه، إنها رغباتكم تتفتح أكمامها
لكنها ليست ثمارها
إنها عمق ينادي العلا
ولكنها ليست العميق و لا العلى
بل هي ذلك الذي احتبس في قفص، ثم اتخذ جناحا، و ليست فضاء تكتنفه حدود
واحسبي إنما المتعه أنشودة الحريه
و قال كاهن شيخ حدثنا عن
الدين
فقال المصطفى: و هل حدثتكم اليوم عن شىء سواه؟
أليس الدين هو كل عمل و كل تفكير؟
ثم هو ايضا ما ليس بعمل و لا تفكير، بل عجب و دهشه، ينبعثان من النقس دوما، حتى حين تنحت اليد الصخر او تدير النول. و من ذا الذي يستطيع أن يفصل إيمانه عن عمله، أو عقيدته عن شواغله؟
و من ذا الذي يستطيع أن ينشر أوقاته بين يديه و يقول
"هذه لله و هذه لي،هذي لروحي ، ولجسدي هذي"
إن أوقاتكم جميعا لأجنحه تضرب في الفضاء، منتقله من نفس الى نفس
و يكمل النبي حديته و يتحدث عن العمل و البيوت و الثياب و البيع و الشراء و الجريمة والعقاب و الصداقه و الحريه و العقل و العاطفه و الألم و معرفة النفس و التعليم و الزمن و الكلام و الخير و الشر والجمال و الصلاة و الموت. ولكني حاولت قدر الإمكان أن أخذ بعض مقتطفات من الكتاب في محاولة لتعريفه و هو الكتب الذي ارتقت به نفسي و سمت به روحي و تلك الطبعه التي أخذت عنها المقتطفات هي ترجمه الدكتور ثروت عكاشه فالكتاب كتب أصلا بالغة الإنجليزيه و صدرت طبعة الدكتور ثروت عن دار الشروق