Thursday, December 7, 2006

على طول الأيام

في الوقت الذي تابع فيه كل الناس مسلسل سكة الهلالي الردىء جدا الذي يمثل فيه يحي الفخراني بإسلوب خطابي فج و حضرة المتهم ابي السيء جدا الذي يحاول فيه نور الشريف المثالي الطيب محاربة الفساد المتمثل في سطوة أبناء الكبار تابعت انا مسلسلا سوريا إجتماعيا عرضته قناة سما دبي بعنوان "على طول الأيام" من بطولة النجمه الجميله جدا سلاف فواخرجي و الممثل الفذ تٌٌيم حسن و كان هذا الثنائي قد قدم معا لنفس المخرج حاتم على العام المنصرم تحفته الفنيه الحائزه على الجائزه الذهبيه في مهرجان الإذاعه و التلفزيون "ملوك الطوائف" والذي يحتاج لمقال منفرد لأتحدث عنه و عن دوريهما فيه. قصة مسلسل "على طول الأيام" قصه عاديه جدا و مكرره ايضا.حبيبين ينفصلان بعد خلاف و يمضي كل منهما في طريق الحياه محاولا الهروب و لكن سرعان ما يكتشفان الخطأ الفادح اللذان ارتكباه ليعودان لبعضهما البعض. و لعل حاتم قد قصد أن تكون القصه عاديه ليستعرض عضلاته الإخراجيه و ليثبت أنه في بعض الأحيان ليس مهما ما نقول و لكن المهم هو كيف نقوله. المسلسل كان عباره عن سيمفونيه رقيقه دغدغت مشاعري و أبهرتني. حاتم اعتمد أولا في التصوير على الإسلوب السنيمائي الذي هو أكثر دفئا و شاعريه من إسلوب الفيديو المعروف لدينا و قد ساعدته الكاميرا المتطوره الذي يستخدمها و يستخدمها تقريبا كل المخرجون السوريون الأن. تلك الكاميرا التي تشبه صورتها صورة السينما من حيث الجوده و الصفاء، و لا أعرف حتى الأن لماذا لا تستخدم هذه الكاميرا في مصر؟؟؟؟؟؟ المهم أسلوب التصوير و نقاء الصوره جعلني أشعر انني أشاهد فيلما لا مسلسلا.و قدم حاتم أيضا أسلوب الفوتو مونتاج حين يريد أن يشعر المشاهد ان الوقت قد مر، وكان هذا من أهم نقاط القوه في المسلسل.حيث ترى البطل مثلا يجلس على السرير يعاني من الأرق ثم قطع فتراه يجىء و يذهب في الغرفه ثم قطع فتراه يقف عند النافذه في دلاله أن الوقت قد مر.و قسم حاتم الكادر في بعض الأحيان الى اثنين فمثلا في احدى الى المشاهد اتفق الحبيبين على الهاتف أن يستمعا الى أغنية فيروز "أنا لحبيبي" في وقت واحد و كل في مكانه فترى الشاشه و قد انقسمت الى كادرين الأول به البطله تستمع الى الأغنيه و هي تصنع القهوه في نفس الوقت الذي ترى فيه البطل يستمع الى الأغنيه على مكتبه في العمل في الكادر الثاني و كلاهما يفكر في الأخر دون ان يراه. و أحيانا قسم المخرج الكادر الى أرباع بحيث ترى ما تفعله أربع شخصيات في أماكن مختلفه و لكن في نفس اللحظه.و في صباح كل يوم جديد في أحداث المسلسل ياخذك المخرج فى جوله حره إلى أنحاء الشام شوارعها ميادينها اسواقها مع أحد أبطال المسلسل الذي يعمل ككاتب قصه و من طقوسه المشي في الشوارع كل صباح حيث يعلق على المدينه و يربط بينها وبين الأحداث في رمزيه رائعه.قدم تيٌم و سلاف نموذج لشابين من الطبقه المتوسطه في سوريا.فتراها ترتدي نفس القميص و الحذاء و الحقيبه في مشاهد عديده و تراه يرتدي نفس البيجاما و الجاكيت من أول المسلسل الى أخره.و ترى بيوتهم فتشعر أنها بيوت حقيقيه لا ديكور مفتعل و عندما يتنزهون في الطرقات تشعر أن الذين حولهم أناس حقيقيون من لحم و دم لا كومبارس يمثل و يتصنع. حتى على مستوى الحوار و الأداء تشعر معهم بالشوق و اللهفه و الولع و الوله الصادق. تعيش معهم حين يتقلبون على السرير و قد خاصم النوم أجفانهم و تصدقهم في قسوتهم عندما يتظاهرون بالنسيان و تتعذب معهم و أنت تشعر بحرارة الشوق تحرقهم. و ترى شحوب وجهه و امتقاع لونه و ترى تورم عينيها فتشعر أنك قد رأيتهم الآلآف المرات في الآلاف الأماكن حولك.المسلسل لا يركز على سرد الأحداث بقدر تركيزه على مشاعر الابطال و إنفعالتهم الداخليه و تقلبات أهوائهم و معانتهم النفسيه فيجعلك تشعر أنك تختبىء تحت جلودهم و تسكن في قفصهم الصدري و ترى بنفسك دقات قلوبهم. المسلسل به الكثير و الكثير من الجماليات الأخرى و لكن سأكتفي بهذا القدر و ارجو أنه لو عرض المسلسل في احدى القنوات أن تشاهدوه فهو بحق يستحق المشاهده

المسلسلات المصريه عار على الفن

لطالما كان الفن هو التعبير الإبداعي عن فكرة أو رؤيه أو مبدأ أو إحساس. فإن افتقد هذا التعبير صفه الإبداع فهو لا يصبح فنا.كنا في الماضي رواد الدراما التليفزيونيه ، أولا لأننا كنا بلا منافس فلا مجال للمقارنه بيننا و بين غيرنا لنعرف إن كنا فعلا نقدم الأفضل و ثانيا لأن الدراما التلفزيونيه عندما بدأنا في تقديمها كانت فنا جديدا و مستحدثا بعكس السينما التي بدأت عندنا في ثلاثنيات القرن الماضي. وعندما يكون الفن الذي نقدمه مستحدثا فنحن نستمتع به دون أن نطالب بالتطوير و التجديد. ما حدث الأن هو أن عجلة الزمن دارت و أصبح لنا منافس و منافس شرس يتمثل في الدراما السوريه و الخليجيه و ثانيا اننا توقفنا محلك سر فلم نتطور على الإطلاق اللهم إلا من بعض المحاولات البسيطه. عندما أشاهد المسلسلات المصريه الأن أشعر بالحسره ولاسيما الملل، و اتسأل أين الإبداع و التطوير؟؟؟؟؟! أصبحت لا ارى جديدا ليس في الموضوعات المطروحه فحسب و لكن اصبحت لا ارى جديدا على مستوى الصورة و الإضاءه و الديكور و أداء الممثلين و الإخراج. لا اجد احدا يبتكر إضاءه جديده او ديكورا مختلفا ولا أجد إخراجا يشد إنتباهي أو يخرج عن المألوف أو حركة كاميرا جريئه(حاول خيري بشاره ان يفعلها في مسلسل مسأله مبدأ على إستحياء و لكنها قوبلت بالرفض) أو كادرات مبتكره أو تمثيلا متفردا أوحتى تترا غريبا(ماعدا تتر مسلسل أوان الورد و بنت أفندينا). كل ما اجده هو ديكور الحاره الردىء و ديكور الفيلل الفخمه المكرر و الإضاءه اللامعه الساطعه و الممثله التي من المفروض أن تكون من الطبقه المتوسطه و ترتدي في كل مشهد ملابس جديده و فخمه لا تظهر بها ثانية و حركة الكاميرا المتوقعه و حركه الممثلين المحفوظه حيث تقف البطله لتخطب في البطل في إنفعال مسرحي وهي ظهرها له.و أتساءل هل هناك قاعده او مدرسه واحده للإخراج التليفزيوني عندنا؟؟؟ حيث يجب ان يكون التصوير بثلاث كاميرات و الإضاءه ساطعه و الديكور يبدو إنه مفتعل و هو المكان الأساسي للأحداث بحيث من النادر أن ترى مسلسل يعتمد على التصوير الخارجي الحقيقي فلم ارى قط تصوير في شوارع وسط البلد أو مطاعم شارع جامعه الدول أو مولات مدينه نصر أو ميادين الإسكندريه(ماعدا مسلسل رجل من زمن العولمه و أوبرا عايده) . أما بالنسبه للموضوعات فهي كلها كالآتي إما مسلسلات الطرابيش التي تصور بالكامل في مدينة الإنتاج الإعلامي فترى نفس البيت في كل المسلسلات لكنه مره يصبح بيت الباشا الفلاني و مرة يصبح بيت الأمه و مره يصبح بيت هدى شعراوي. وإما مسلسلات الجراند هكذا أحب ان اسميها تلك التي يظهر فيها يحي الفخراني و يسرا و إلهام شاهين و نور الشريف المثاليون الباحثون عن الحق المحركون الأساسيون للأحداث و الجميع مهمشون يدرون في فلكهم.يحاربون الفساد و رجال الأعمال و أعضاء مجلس الشعب.و إما مسلسلات الفلاحين و الصعايده حيث ترى الفلاحه شعرها اصفر فاقع مصبوغ و تضع فول ميك أب و تسكن في بيت ريفي بسيط و لكنه يقع على مساحه فدان تقريبا و بيت العمده أو كبير البلد الذي هو عبارة عن قصر منيف به الفازات الصيني و اللوح الأبيسون!!!!!!!! و أخيرا مسلسلات أنصاف النجوم لملىء فراغ القنوات المحليه على مدار العام حيث أناس الحارة الطيبون و المعلم و السكيرتيره التي تتزوج صاحب الشركه عرفي و الأخوه الأعداء
نحن نصر على محاولات لإستنساخ "ليالي الحلميه" و" الشهد و الدموع" و"زينب و العرش" وعصفور النار" ولكن تلك الروائع كانت جميله بالنسبه للوقت الذي ظهرت في حيث كانت موضوعات جديده غير مستهلكه و لكنها لا تصلح أن تقدم الان. نحن نتعامل بمنطق الإستسهال و نتخيل أننا نستطيع أن نخدع المشاهد. المشكله أن هذا كان ممكنا في الماضي أما الان لو تابع المشاهد المصري المسلسلات السوريه و الاردنيه و الخليجيه سيكتشف المقلب!! و ساحاول هنا إلقاء الضوء على بعض المسلسلات الاخرى التي شاهدتها لعلكم تشعرون بفادحة المسلسلات المصريه التي أصبحت عارا على الفن.