Saturday, November 3, 2007

إنتوا ولاد بوابين

مازلت أتذكر عبير بملامحها الدقيقه و سمارها الصعيدي و شعرها الأسود الفاحم شديد النعومه و بقايا طلاء الأظافر القديم بلون دم الغزال على أصابع يديها و قدميها الحافيه. عبير هذه هي الأبنة الوسطى لعم اسماعيل بواب عمارتنا الذي دائما ما تقول عنه امي انه زي قلته ممنوش فايدة حيث لا يقوم سوى بخدمه اللواء اللي في الدور الأول و اللواء الذي في الدور الخامس و العميد الساكن قصادنا.كنت عندما أتي لقضاء الأجازة الصيفيه في القاهرة أحب أن ألعب مع عبير في حوش العمارة نلعب عسكر و حرامية، مساكه، استغمايه إلخ إلخ من تلك الألعاب المعروفه، و قتها لم أكن أتعدى الست سنوات..... كنت أقوم بإعطائها هي و أخواتها شيكولاته من الذي أحضرناها معنا من الخليج و أشعر بالفرح وأنا أراها تلتهمها بنهم، المهم........... في احدى الأيام كنت ألعب مع عبير كعادتنا في الحوش و اذا بمرات العميد الساكن قصادنا تراني و تذهب فورا لأمي لتقول لها " انتي إزاي تسيبي بنتك تلعب مع بنت البواب؟ دي ممكن تعلٌمها ألفاظ وحشه و كمان ممكن تكون مش نضيفه تنقلها قمل ولا حاجه....انتي ممكن تجبيها تلعب مع بناتي او بناتي يجوا يلعبوا معاها اهي من نفس سنهم و هم من نفس مستواها" و امي يبدو أنها كانت في نص هدومها لكنها كانت تشفق علي من الحبسه حيث كان أبي وقتها مشغول برسالة الماجستير و يقضي وقته كله على الألة الكاتبه و مش فاضي يفسح حد و لم يكن في عائلاتنا أي بنات من سني و لذلك تركتني العب مع عبير. وعلم ابي بالموضوع و لم يكن يدري عنه شيئا فقام باستدعائي و قال لي " اسمعي متنزليش تلعبي تاني مع عبير عشان دي يا حبيبتي بنت البواب و عيب كده يا حبيبتي و مينفعش " الغريب كان تصرفي أنا بعدها و أنا الطفلة التي لم تكمل السادسه بعد فقد أسرعت من فوري إلى حوش العمارة ووجدتها تجلس مع اخوتها و أبوها على مقربه منها فقالت لي "هنلعب إيه؟؟" فإذا بي أقول لها " أنا خلاص مش هالعب معاكي تاني بابا قالي كده عشان إنتوا ولاد بوابين" و صعدت مسرعه إالى البيت ولا أعرف عندما أتذكر تلك الواقعه هل قصدت أن أهينها هل كنت أعي ما أقول أحيانا أتصور أنني فعلت هذا عن قصد و تعٌمد و أحيانا أقول لنفسي كيف لطفلة في مثل سني أن تكون بهذا الشر تستوعب معنى الطبقيه أكيد قد فعلت هذا بمنتهى البراءة و لم أكن اقصد الإساءة........ولم أرى عبير بعدها أبدا و مرت السنون وكبرت و أصبحت أنا دكتورة و علمت أن عبير خدت الدبلوم و تزوجت من أمين شرطه و ذهبت للعيش معه أما باقي اخوتها فقد نقلهم عم اسماعيل ليعيشوا في الصعيد و لم أعد أرى أحدا منهم......أحيانا أتساءل هل تكرهني؟ هل هي حاقده علي؟ ما الأثار النفسيه التي خلفتها تلك الواقعه عليها؟ هل إنتبهت لها في ساعتها أم أنها استوعبتها بعد ذلك عندما كبرت وبدأت تعي حقيقه وضعها في المجتمع.......لا عجب أن يفرز مجتمع كهذا بشر من أمثال طه الشاذلي في يعقوبيان الأسواني و نجوى و زينب في بدرون عاطف الطيٌب معقدون نفسيا، حاقدون ،ساخطون على المجتمع و الدنيا و الناس و عندهم ميول للإنحراف وطموح أو بمعنى أصح تتطلع مهووس للخروج من جلودهم. ادعوا من الله أن لا تكون عملتي السوده سببا لعبير و اخواتها ليكونوا كذلك
ملحوظه على الهامش: قمت بتلبيه دعوة جارتنا و ذهبت لألعب مع بناتها ولا أعرف بالضبط ما الذي حدث و لكني قمت بتمزيق صفحات من كشكول مي الأبنه الكبرى و لا أتذكر لماذا فعلت ذلك فقام ابوها سيادة العميد بضربي حاجه منتهى قلة الأدب و ذهبت باكيه الي أمي " ب...با....با م..ي مي ضربني" و طبعا كانت حريقه هاهاهاها لا اللعب مع دول نفع ولا مع دول نفع